في تطور لافت للمشهد السياسي بولاية لبراكنة، أعلن النائب عن مقاطعة ألاك، البو ولد كلاع، انسحابه من حلف البشائر الذي يتزعمه رئيس البرلمان الجنرال المتقاعد محمد بمب مكت. هذا الانسحاب الذي جاء في بيان مطول يحمل دلالات سياسية عميقة، فتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات عدة حول مصير التحالفات داخل الولاية، وخصوصًا في مقاطعة ألاك ذات الثقل الانتخابي المعروف.
السياق العام: تشظي في معسكر الدعم؟
تأتي هذه الخطوة في وقت تعيش فيه ولاية لبراكنة ما يمكن تسميته بـ”حراك داخلي محتدم” داخل معسكر الداعمين للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني من داخل حزب الإنصاف. فقد سبق انسحاب ولد كلاع، انسحاب العمدة السابق لبلدية بوحديدة من نفس الحلف، وانضمامه إلى حلف “يدا بيد” بقيادة وزير الوظيفة العمومية محمد ولد اسويدات، مما قد يُؤشّر إلى تصدّع تدريجي في أحد أقوى التحالفات السياسية في الولاية. البيان.. نقد ناعم وانحياز للعدالة الاجتماعية
النائب ولد كلاع قدّم في بيانه تبريرات تحمل طابعًا مؤسساتيًا وطنيًا، حيث شدد على التزامه برؤية الرئيس غزواني ومبادئ حزب الإنصاف، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن المسار الذي يسلكه حلف البشائر “لا يتناسب مع تلك التطلعات”.
البيان لم يعلن وجهة سياسية بديلة، لكنه بدا بمثابة انفصال استراتيجي أكثر من كونه قطيعة سياسية نهائية، وهو ما يعزز فرضية إعادة التموضع ضمن حلف سياسي جديد قد يعلن عنه لاحقًا.
رد “البشائر”: اتهام بالتنكر والغياب
في المقابل، جاء رد حلف البشائر حادًا، حيث اعتبر أن الحلف هو من “صنع” النائب ومنحه مسؤوليات ما تزال عالقة. واتهم البيان النائب بـ”التحامل” و”الغياب المتكرر عن تطلعات ناخبيه”، بل ذهب أبعد من ذلك حين لفت إلى غيابه عن زيارتين رئاسيتين للمنطقة.
الرد حمل في طياته رسائل غير مباشرة مفادها أن الحلف لا يرى في هذا الانسحاب سوى “حركة معزولة” لن تؤثر في بنيته أو ولائه لبرنامج الرئيس.
ماذا وراء الانسحاب؟
1. فجوة ثقة داخل الحلف؟
يبدو أن هناك فجوة متنامية في الثقة بين بعض القيادات القاعدية وحلف البشائر، ربما بسبب إحساس بالتهميش السياسي أو غياب التشاور في القرارات الاستراتيجية داخل الحلف.
2. صراع على تمثيل ألاك
تُعد مقاطعة ألاك مركز الصراع بين عدد من الأحلاف الكبرى (البشائر، يدا بيد، أوفياء لبراكنة)، وانسحاب نائبها الوحيد من الحلف الحاكم يمثل ضربة معنوية وتنظيمية كبيرة، خاصة أنه لم يُعلن بعد التحاقه بحلف آخر، ما يفتح المجال أمام الأحلاف المنافسة لكسبه سياسيًا.
3. تصدّع محتمل في البنية الانتخابية للحلف
فقدان النائب يعني عمليًا تراجع التمثيل النيابي لحلف البشائر إلى رئيس البرلمان فقط، ما يُضعف من حجته داخل الحزب وفي المشاورات حول تشكيل اللوائح الانتخابية مستقبلاً.
سيناريوهات مستقبلية محتملة
✔️ السيناريو الأول: التحاق البو ولد كلاع بحلف “يدا بيد”
وهو سيناريو مرجح بالنظر إلى أن العمدة السابق لبوحديدة اتخذ نفس الخطوة قبله، مما يُعزز احتمال إعادة تشكيل جبهة جديدة داخل المقاطعة بقيادة الوزير اسويدات.
✔️ السيناريو الثاني: تشكيل قطب ثالث مستقل
قد يسعى ولد كلاع إلى إنشاء تحالف محلي جديد يجمع الغاضبين من مختلف الأحلاف، ويعتمد على شعارات العدالة والتوازن السياسي داخل ألاك.
✔️ السيناريو الثالث: وساطة لإعادة احتوائه داخل الحلف
قد تحدث وساطات من شخصيات داخل الحزب أو من الداعمين للرئيس لاحتواء الأزمة و”ترميم” صفوف الحلف تفاديًا لتشظٍ أوسع قبل أي استحقاق قادم.
وسط هذا الحراك المتسارع، تبدو ولاية لبراكنة على أعتاب مرحلة سياسية دقيقة قد تعيد تشكيل التحالفات القائمة وتفتح الباب أمام ترتيبات جديدة داخل المشهد المحلي.
ويبقى السؤال المطروح أمام الناخبين في لبراكنة:
-
كيف ستؤثر هذه الانسحابات على توازن القوى داخل الولاية، خصوصًا في مقاطعة ألاك ذات الثقل الانتخابي؟
-
هل نشهد ميلاد تحالفات جديدة قادرة على إعادة توزيع النفوذ السياسي؟
-
أم أن مبادرات الوساطة قد تنجح في ترميم الصفوف قبل الاستحقاقات القادمة؟
-
وما الدور الذي سيلعبه الناخب المحلي في إعادة رسم هذه الخارطة المتحركة؟
أسئلة مفتوحة ستجيب عنها التطورات القادمة، في مشهد سياسي لا يزال مرشحًا للمزيد من المفاجآت.