التلاعب بتقدير القيمة المالية للديات

في موضوع التلاعب بتقدير القيمة المالية للديات كتب د.محمد محمد غلام على صفحته على الفيسبوك ما يلي :
واقع التعاطي مع الديات.. استرخاص لدماء المسلمين واستسهال للجناية عليهم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
ليست هذه التدوينة لتفصيل أحكام الديات والحديث عن فروعها وأنواعها، وإنما هي للتنبيه على خطورة ما تعوده المجتمع من استرخاص دماء المسلمين واستسهال أمر الجناية عليهم؛ تبخيسا لتقدير الدّيات من جهة واستسهالا للعفو عن الجناة (أحيانا يكون العفو من طرف من لا يملك لمن لا يستحق!)
فليكن في علم الجميع أن تقدير الدية غير المغلظة:
١. على أهل الإبل: 100 رأس من الإبل (تقدير ثمنها المتوسط: 25,000,000 خمسة وعشرون مليون أوقية قديمة) منجمة على ثلاث سنوات. وتتحملها العاقلة، إلا إذا كانت عن عمد عفي عن صاحبه أو اعتراف، أو كانت جناية أقل من ثلث الدية.
٢. وعلى أهل الذهب (أهل الحضر) 1000 دينار من الذهب (تقدير ثمنها المتوسط: 90,000,000 تسعون مليون أوقية قديمة)
٣. ثم إن في الجناية على كل جارحة، من الدية:
أ. إن كانت غير مزدوجة (إنهاك الأنف جذعا، أو قطع اللسان، أو تفويت القدرة من أي جارحة غير مزدوجة) دية كاملة.
ب. وفي الجارحة المزدوجة (العين مثلا نصف الدية) وفي المتعددة بحسبها.
٤. من العادات التي أفقدت الديات معنى الزجر وفائدة الجبر معا (مع تعطيل القصاص!) تبخيس مقادير الديات (ماتمنحه العاقلة منها، وما تقدمه شركات التأمين تعويضات)
وكذلك ما جرت به العادات الشيطانية من التكبر على أخذ الديات و”العفو” الكاذب عن القتلةوالمستهترين، حتى إن العفو عن الدية قد يصدر عن أفراد من العاقلة لم يستشيروا فيه أهل الحق من الورثة، وقد يكون من بين أهل الحق قصّر فقدوا معيلهم على يد متهور نزق، يسترخص دماء الناس ويستسهل شأن الجناية عليهم.
والله تعالى أعلم.
د. محمدٌ محمد غلام
———————————————–
فعلقت أنا عليه بما يلي :
بارك الله فيكم.
لقد أسمعت لو ناديت حيا …
وحتى تتضح الصورة أكثر أتمنى أن تجيبوا في منشورات أخرى على الأسئلة التالية :
ماحكم خفض القيمة المالية للدية عن حدها الشرعي، وهل يجزئ دفع جزء يسير من تلك القيمة كما جرى به العرف في بلدنا،أم لا يجزئ ؟
وهل تقدير القيمة المالية للدية من المجالات المتروكة أصلا للتفاوض و الإجتهاد أم أن الشارع قد حددها بشكل لم يترك لبسا ؟
وإذا كان قد حددها فعلا بشكل لم يترك لبسا ،وتم العمل بذلك في زمن كانت فيه الثروات أقل بكثير مما هي عليه في زماننا ،فالأولى هو تطببق تلك القيمة في زماننا الذي تكدست فيه الثروات وظهرت فيه هيئات تعنى بحماية حقوق الإنسان وتسعى إلى الرفع من شأنه في الحضارة المادية !!
فلماذا تم تخفيض القيمة المالية لدية الإنسان الموريتاني إذن إلى حدود ثلث عشر ديته الشرعية المقررة على أهل الذهب أي أهل المدن ؟
من المعروف أن الدية الشرعية لها حد أعلى مطبق على أهل المدن (أهل الذهب) ،ولها حد أدنى مطبق على أهل البوادي (أهل الإبل) ،فمابرر هذا الهبوك في قيمتها الذي يشجع على القتل كما قلتم !!؟
ما نشاهده هو تخفيض القيمة المالية للدية الشرعية للإنسان في مدنيتنا الموريتانية إلى حدود ثلث عشر الدية على أهل الذهب،وحدود عشر الدية على أهل الإبل !!
هل توجد ضرورة تبرر العدول عن التقدير الشرعي للقيمة المالية للدية ؟
وهل القبائل الموريتانية الحالية مضطرة إلى الترخص وخفض الدية عن حدها الشرعي ،وهل الدولة وشركات التأمين مصطرة كذلك ؟
ومن دون احترام تقدير قيمة دية الإنسان كما حددها له خالقه لا يتصور احترام أي قيم أخرى !!
وكيف تتجاهل العاقلة حاليا دية أعضاء الإنسان التي تجاوزت الثلث ؟
ولماذا شركات التأمين لا تعوض للضحايا عن تلك الأضرار لا على أساس التقدير الشرعي ولا على أساس التقدير القانوني الغربي ؟
فالتقدير الشرعي لدية الأعضاء حددتموه بشكل مفصل.
فأعضاء الإنسان نعم ومنافع لها آجال إذا حانت تلك الآجال لايبقى مجال للقول أنها كانت ستستمر تعمل وتنتج ،ماجعل الشريعة الاسلامية تقرر دية متساوية للأعضاء دون اعتبار للمهارات والمردودية التي كانت متوقعة.
أما في الغرب فيحسبون قيمة العضو على أساس مردوديته التي كانت متوقعة حسب آمالمالهم التي لا تنقطع بانقطاع حياة العضو نفسه ،ما يحملهم على حساب انتاجه المتوقع وتقدير ديته على أساس ذلك !!
وإذا افترضنا أن تقدير الدية عند أهل موريتانبا حاليا أقل من قيمتها الشرعية وأنه تقدير باطل ،فهل للورثة الحق في الرجوع على من تسبب لهم في هذا الضرر ،أي الرجوع على القاتل وعلى قبيلته ،وعلى الدولة في حالة التأمين ؟
أقول الرجوع على الدولة إذا كان خفض القيمة المالية للدية لا تسمح به الشريعة الإسلامية ،ما يعني كون قانون التأمينات الموريتاتي قد خالف ديباجة الدستور ،ما يتيح الطعن بعدم دستوريته !!
ذ. محمد سدينا ولد الشيخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.