تُعد منطقة الساحل والصحراء وأفريقيا جنوب الصحراء من أكثر المناطق تأثُّرًا بالتحديات الأمنية والسياسية في العالم، حيث تُعاني من انتشار الحركات المسلحة والجماعات الدينية المتطرفة التي تهدد الأمن والاستقرار. وفي هذا السياق، يبرز مؤتمر السلم الأفريقي كمبادرة محورية لتعزيز الحوار والمصالحة بين مختلف الأطراف الفاعلة في القارة.
أهمية المؤتمر وأهدافه
ينطلق مؤتمر السلم الأفريقي في نسخته الجديدة في العاصمة الموريتانية نواكشوط خلال الفترة من 21 إلى 23 يناير 2025 تحت شعار: “القارة الأفريقية: واجب الحوار وراهنية المصالحات”. يهدف المؤتمر إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية:
- تعزيز الحوار بين الأطراف المتنازعة: يُعتبر الحوار الوسيلة الأساسية لإنهاء النزاعات والصراعات، خاصة في القارة الأفريقية التي تعاني من أزمات معقدة ذات أبعاد دينية وعرقية وسياسية.
- مكافحة الأفكار المتطرفة: يركّز المؤتمر على تقديم خطاب إسلامي وسطي يعزز قيم السلم والاعتدال، ويواجه الأفكار المتطرفة التي تستخدم الدين كوسيلة للعنف.
- تعزيز المصالحات الوطنية والإقليمية: من خلال طرح مبادرات تُسهم في تعزيز الوحدة الوطنية وإعادة بناء الثقة بين مختلف المكوّنات المجتمعية.
- إبراز دور القيم الإسلامية في تحقيق السلم: يستلهم المؤتمر قيم الإسلام الداعية إلى السلم والتعايش، ويسعى إلى تفعيلها في مختلف المبادرات والمقاربات.
دور العلامة عبد الله بن بيه
يُعد العلامة عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، الشخصية المحورية وراء نجاح هذا المؤتمر منذ انطلاقه. بفضل جهوده العلمية والفكرية، استطاع أن يُحدث نقلة نوعية في مفهوم السلم والمصالحة في السياقات الأفريقية، وذلك من خلال:
- تبنّي خطاب وسطي جامع: قدّم العلامة رؤية شاملة تنطلق من الفهم العميق لمقاصد الشريعة الإسلامية في تحقيق السلام والعدل.
- قيادة الجهود الفكرية والتنظيمية: لعب دورًا رياديًا في جمع القيادات الدينية والسياسية والأكاديمية تحت مظلة واحدة، مما عزز مصداقية المؤتمر وأهدافه.
- تقديم حلول عملية ومستدامة: أطلق مبادرات مبتكرة تُركز على التعليم، وتمكين الشباب، وتعزيز دور المرأة في تحقيق السلم.
النجاحات المنتظرة للنسخة الجديدة
تأتي النسخة الجديدة للمؤتمر في ظل تصاعد التحديات الأمنية في العديد من الدول الأفريقية، ما يجعلها فرصة لتحقيق إنجازات مهمة، من أبرزها:
- إطلاق مبادرات جديدة للحوار: يتوقع أن يتم الإعلان عن مبادرات تستهدف بناء الثقة بين الحكومات والجماعات المسلحة، ودعم جهود المصالحة الوطنية.
- تفعيل دور القيادات الدينية: من خلال تعزيز دور العلماء في نشر ثقافة السلم والاعتدال، ومكافحة التطرف الفكري.
- تعزيز الشراكات الدولية والإقليمية: من المنتظر أن يشهد المؤتمر توقيع اتفاقيات تعاون مع منظمات إقليمية ودولية لدعم التنمية المستدامة كوسيلة لتحقيق الأمن.
يمثل مؤتمر السلم الأفريقي منصة رائدة لتحقيق الأمن والسلام في القارة الأفريقية، حيث يجمع بين القيم الدينية والحلول العملية لمواجهة التحديات الراهنة.
ومع قيادة العلامة عبد الله بن بيه لهذه الجهود، يُتوقع أن تثمر النسخة الجديدة عن إنجازات ملموسة تعزز الأمن والاستقرار في القارة، وتُرسخ ثقافة الحوار والمصالحة كخيار استراتيجي لمستقبل أكثر إشراقًا.
بقلم : محمد عبدالرحمن احمد عاليكاتب صحفي وباحث متخصص في العلوم السياسية