مقدمة:
حزب التكتل الوطني الديمقراطي، المعروف اختصارًا بـ”حزب التكتل”، يعد أحد أبرز الأحزاب السياسية المعارضة في موريتانيا. تأسس الحزب تحت قيادة الزعيم السياسي **أحمد ولد داداه**، الذي يُعد من الشخصيات المؤثرة في الحياة السياسية الموريتانية منذ فترة طويلة. ورغم تأثيره التاريخي في مقاومة الأنظمة العسكرية والدعوة إلى الإصلاح الديمقراطي، يواجه الحزب اليوم تحديات كبيرة في الحفاظ على موقعه في الساحة السياسية المحلية. في هذا التقرير، سنستعرض واقع الحزب في 2024، مشيرين إلى أهم المواقف والتحديات التي يواجهها.
الوضع التنظيمي للحزب:
منذ تأسيسه، اعتمد حزب التكتل على بنيته التنظيمية القوية والواسعة، حيث كانت قواعده تتوزع في مختلف أنحاء موريتانيا، وكان يُعتبر من أكبر أحزاب المعارضة. لكن في السنوات الأخيرة، تعرض الحزب لعدة انتكاسات على مستوى التنظيم الداخلي، مما أثر على حضوره في الساحة السياسية.
يُلاحظ أن الحزب يعاني من تراجع في عدد المنتسبين الجدد، فضلاً عن مغادرة بعض القيادات البارزة التي كانت تسهم في تعزيز مكانته.
ورغم ذلك، لا يزال للحزب شبكة من المؤيدين المخلصين، خاصة في المناطق التي عانت من السياسات الحكومية التي يُنادي الحزب بتغييرها، مثل قضايا الفقر والفساد.
مواقف الحزب السياسية في 2024:
على الرغم من تراجع تأثيره، يستمر حزب التكتل في اتخاذ مواقف صلبة حيال القضايا الوطنية، وخصوصًا ما يتعلق بالفساد، الحريات العامة، والوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
أبرز ما يميز مواقف الحزب في هذا العام هو **الانتقاد الحاد للسلطة التنفيذية** الحالية برئاسة الرئيس **محمد ولد الغزواني**، حيث يعتبر الحزب أن الحكومة لم تحقق تقدماً ملحوظًا في مكافحة الفساد أو تحسين الوضع المعيشي للمواطنين.
من أبرز القضايا التي انتقدها الحزب في 2024 هي **أزمة الكهرباء والماء**، حيث أكد أن هذه القضايا ما زالت تؤثر على حياة المواطنين بشكل سلبي دون أي حل جذري من قبل الحكومة. كما ندد بتفاقم **مشاكل التعليم** والصحة، وعدم تنفيذ الإصلاحات الموعودة.
الخطاب السياسي:
يستمر حزب التكتل في تبني خطاب معارض يتسم بالانتقاد اللاذع للسلطة التنفيذية، مع التركيز على أهمية **الإصلاح السياسي** وضرورة محاربة **الفساد**.
الحزب يطالب بتطوير نظام انتخابي شفاف وتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تخصيص ميزانيات أفضل للتعليم والصحة والبنية التحتية في المناطق الهشة.
ورغم أن الحزب كان قد تبنى فكرة **التحالفات الانتخابية** في بعض الفترات، إلا أن 2024 شهد تأكيدًا على موقف الحزب الرافض لأي تسويات مع الحكومة الحالية، خاصة في ظل ما وصفه الحزب بـ “إقصاء” القوى السياسية المعارضة.
التحديات الداخلية:
يعاني الحزب اليوم من عدة تحديات داخلية، أهمها:
– **ضعف الموارد المالية**: حيث يعاني الحزب من نقص في التمويل الذي يُعتبر ضروريًا لتنظيم الحملات الانتخابية وتحقيق التواصل الفعال مع القواعد الشعبية.
– **الانسحابات الحزبية**: شهد الحزب في السنوات الأخيرة انسحاب عدد من القيادات التي كانت تشغل مناصب هامة داخل الحزب، مما أثر على استقراره التنظيمي.
– **التنافس الداخلي**: بالرغم من هيمنة أحمد ولد داداه على الحزب، إلا أن هناك من داخل الحزب من يُطالب بتغيير في القيادة بسبب التراجع النسبي في التأثير السياسي.
العلاقة مع الأحزاب الأخرى:
ورغم التحديات، يسعى حزب التكتل إلى تعزيز تحالفاته مع **الأحزاب المعارضة** الأخرى في موريتانيا.
في 2024، يسعى الحزب إلى تقوية علاقاته مع الأحزاب القومية واليسارية، بالإضافة إلى التنسيق مع **حزب اتحاد قوى التقدم** و**حزب الصواب**، من أجل تشكيل جبهة معارضة موحدة تسعى لإحداث التغيير في الانتخابات المقبلة. كما يسعى الحزب إلى تقديم نفسه كبديل سياسي قادر على مواجهة تحديات الحكم في المستقبل.
الحضور الإعلامي والاتصال الجماهيري:
يشهد حزب التكتل حالة من **التراجع في تأثيره الإعلامي** مقارنة بالأحزاب الأخرى، رغم أن زعيمه أحمد ولد داداه ما يزال يحظى باحترام على المستوى الشخصي. الحزب يعتمد في تواصله على المنابر الإعلامية التقليدية مثل الصحافة المكتوبة وبعض القنوات الفضائية الخاصة، ولكنه يواجه صعوبة في التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل فعال مقارنة بالأحزاب الأخرى التي تحظى بحضور قوي على الإنترنت.
آمال الحزب في المستقبل:
يأمل حزب التكتل في استعادة بعض من تأثيره السابق من خلال **التفاعل مع القضايا اليومية للمواطنين**، مثل **التعليم، الصحة، البطالة، والفساد**. كما يسعى الحزب إلى إعادة تنظيم صفوفه على المستويين الداخلي والخارجي، خاصة من خلال **استقطاب فئات شبابية** قادرة على التجديد والنهوض بالحزب في المستقبل.
الخاتمة:
حزب التكتل الوطني الديمقراطي، رغم التحديات التي يواجهها في 2024، ما يزال يُعتبر من أبرز القوى المعارضة في موريتانيا. بقيادة أحمد ولد داداه، يستمر الحزب في الدفاع عن **المبادئ الديمقراطية** و**العدالة الاجتماعية**، بينما يسعى لاستعادة مكانته في الساحة السياسية الموريتانية. ورغم تراجع تأثيره في السنوات الأخيرة، إلا أن الحزب ما زال يحظى بتقدير جزء من المجتمع، الذي يراه أداة للتغيير السياسي المطلوب في البلاد.
بقلم : محمد عبدالرحمن أحمد عالي
المدير الناشر لموقع الضمير الإخباري