“الغزواني وتحديات المشهد السياسي الجديد في موريتانيا”/ الضمير الاخباري

تستعد موريتانيا لاستقبال مأمورية جديدة للرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي نظمت قبل أيام وشارك فيها سبعة مرشحين لمنصب الرئاسة. من بين المرشحين البارزين: محمد الأمين المرتجي، الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس حركة “إيرا” النائب البرلماني بيرام الداه اعبيد، حمادي ولد سيد المختار رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، العيد محمد المبارك النائب البرلماني وأستاذ جراحة الأعصاب أوتوماسوماري، وبامامادو بوكاري.

أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بنسبة 56.12%، بينما حل النائب البرلماني والمرشح الرئاسي بيرام الداه اعبيد في المركز الثاني بنسبة 22.10%. واحتل مرشح حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) المركز الثالث بنسبة 12.78%.

وقد أقر بعض المرشحين بنزاهة نتائج الانتخابات، فيما رفض البعض الآخر الاعتراف بها وطالب أنصاره بالنزول إلى الشارع، مثل المرشح بيرام الداه اعبيد.

تضع هذه الانتخابات الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أمام مرحلة جديدة تختلف عن سابقاتها نظرًا للمتغيرات التي طرأت على المشهد السياسي، المتمثلة في تغيير الخارطة السياسية وبروز قوى سياسية جديدة تختلف عن المعارضة التقليدية التي اختارت التحالف مع نظام الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.

يثار هنا سؤال مهم: كيف سيتعامل الرئيس غزواني مع المتغيرات الجديدة في الساحة السياسية وما هي الخطة التي سيعتمدها للحفاظ على جو التوافق السياسي الذي طبع مأموريته الأولى وتجنب الدخول في أزمة سياسية جديدة بعد المتغيرات التي حصلت في هذه الانتخابات؟

طرحنا هذا السؤال على الدكتور محمد سيدن الشيخ حمدي الذي أجاب قائلاً:

“فوز الرئيس ولد الغزواني بمأمورية ثانية يمنحه الحرية في اختيار حكومته القادمة، حيث أن الانتخابات الرئاسية تعطي الفائز كل شيء بينما الخاسر لا يأخذ شيئًا من السلطة. ومع ذلك، هناك من يدعي المظلومية مثل حركة ‘افلام’ وتحالفها الأخير مع بيرام، مما يفرض على النظام دراسة هذا التحالف بجدية واتخاذ قرارات حاسمة على المدى المتوسط والبعيد.”

وأضاف الكاتب أن الرئيس غزواني عودنا على حرصه على الانسجام، خاصة مع المعارضة. وتصعيد بيرام الأخير هو خطوة استباقية يسعى من خلالها إلى فرض النظام على الحوار معه وتحقيق مكاسب، لكن الرئيس غزواني لن يكون متسرعًا في الرد على هذا التصعيد وسينتظر حتى يدرك حجمه ومآلاته وأهدافه، خاصة أن بيرام متحالف الآن مع حركة ‘افلام’، وهو تحالف غير مريح للنظام.

في المقابل، يختلف تمامًا المدير الناشر لموقع “المراقب”، الصحفي حماده محمد، حيث يرى أن الرئيس غزواني سيجد نفسه في موقف صعب عند تشكيل الحكومة الجديدة. إرضاء الجميع غاية لا تُدرك، وإغضابهم جميعًا أمر غير محمود العواقب. لذلك سيجد الرئيس غزواني صعوبة في إشراك جميع الحلفاء والداعمين في الحكومة القادمة، وهو أمر غير ممكن في الواقع. سيكون الرئيس غزواني مطالبًا بالصرامة في اتخاذ القرارات الحاسمة في هذا الموقف، على أساس مبدأ سياسي واضح ينطلق من نتائج الانتخابات الأخيرة، والتي أظهرت تفاوتًا كبيرًا في دعم الرئيس.

وأشار الصحفي حماده محمد إلى أن المعارضة الجديدة التي أفرزتها الانتخابات، وخصوصًا اللاعبين الجدد مثل سوماري والعيد، ستشكل تحديًا جديدًا للرئيس غزواني، خاصة مع تحالف بيرام الداه اعبيد مع حركة ‘افلام’. الرئيس غزواني مطالب بالتعامل بذكاء مع المعارضة الجديدة وتجنب الدخول معها في صدام، ما لم يحدد خطوطًا حمراء تتوقف عندها المعارضة ويرسم لها حدودًا.

أما معتز الجيلاني، رئيس تحرير الموقع الإخباري الموريتاني المستقل، فيرى أن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني سيقوم بعملية تغيير شامل في المأمورية القادمة، مع الاحتفاظ ببعض الشخصيات المهمة في منظومة حكمه واستبدال البقية بوزراء تكنوقراط. فالرئيس أدرك أن المحاصصة لم تحقق النتائج المرجوة منها، وأن الوزراء المعينين على هذا الأساس لا ينفذون المشاريع الإصلاحية بفعالية. لذا سيلجأ الرئيس إلى وزراء تكنوقراط لتنفيذ تعليماته بسرعة وفعالية.

يرى معتز أن الرئيس غزواني في مأموريته الجديدة سيتعامل بحزم مع خصومه الذين يسعون للتشويش على المأمورية القادمة. سيكون رئيس حركة “إيرا” بيرام الداه اعبيد وحلفاؤه ضحايا لهذه الحملة الأمنية الحازمة التي بدأت بوادرها تظهر بالفعل.

في الختام، الرئيس غزواني سيرفع شعار العصا والجزرة في وجه حكومته ومعارضيه السياسيين، ولن يتردد في محاسبة الجميع بصرامة، سواء كانوا من خلفائه أو من خصومه، لضمان تحقيق إنجازات كبيرة في مأموريته القادمة وإيقاف موجة الفساد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *