مقالات مشابهة
العقل المميز للإنسان عن الحيوان لدى متعاطي تلك المواد وانتشرت ظاهرة الإنتحار، ماجعل تلك المواد تصنف كأم للكبائر.
فالله قد خلق للملائكة عقول ولم يخلق لهم شهوات فكانوا يعبدون الله لا يفترون. وخلق للبهائم شهوات دون عقول فانغمست في إشباع تلك الشهوات باشباع الغرائز. كما خلق للإنسان عقل وشهوات معا فصار قلبه بذلك محل صراع ببن الخير والشر.
للإنسان جسم حيواني، ويوجد بداخل هذا الجسم عقل إنساني، أما جوهر العقل المذكور فهو القلب، كما روى عن بعض العلماء.. وهذا القلب هو مجال الصراع بين الخير والشر سالف الذكر .
من هنا تكون تعاليم الأنبياء تمثل محور الخير الذي يريد للإنسان أن يهتم بمقومات حياته الأرضية ليساعده ذلك على تحقيق غاية وجوده وهي العبادة وليس اشباع الغرائز.
الإنسان مطالب إذا باستغلال عقله وجسمه في المهام المكلف بها من قبل خالقه حتى يحصل وجه شبه بينه وبين الملائكة، ووجه الشبه المذكور هو العبادة .
أما محور الشر الذي يمثله الشيطان فيسعى إلي توجيه الإنسان نحو محاكاة البهائم بإشباع الغرائز ولو بما يشل عمل العقل المذكور ، بل قد يصبح العقل في هذه الحال رخيصا في مقال التذوق المادي لدى الشهواني.
وإذا منع القل من إدارة الجسم على أساس قواعد الإنضباط الديني والأخلاقي والقانوني فمعنى ذلك أن الإنسان ينحدر نحو البهيمية .
وعلى هذين الإتجاهين (الخير والشر ) تقسمت البشرية.
فالمسلم الذي سلم قلبه من امراض القلوب، وسلم عقله كذلك من الجنون ومن تأثير المؤثرات العقلية تكون تصرفات جسمه سليمة وجسمه كذلك سليم، مادام القلب في تلك الحال يعمل على تشغيل العقل نحو ماهو إيجابي، والعقل بدوره يقوم بتوظيف الجسم فيماهو إيجابي كذلك.
و بالمثابرة في هذا النسق يبدأ حساب درجات ارتفاع العرض على المديين الدنيوي والأخروي.
ومن مظاهر الارتفاع في سمك المعنويات المذكور والمعروف ب(العرض) أن يتحول صاحب الأعمال الصالحة في هذه الحال سيدا مسودا في قومه أو في دولته أو أمته.
أما من سار في الإتجاه الشيطاني المعاكس فانحداره يزداد كلما ازدادت أوجه الشبه بينه وبين الحيوان.
شبيه الحيوان المذكور قد تصيبه أمراض القلوب كالغل والحسد والحقد والبغض وحب السمعة فتعمي بصيرته وتنعكس سلبا على سلوكه وعلى علاقاته بالناس، أما إذا استهلك هذا الصنف الخمور أو المخدرات و المؤثرات العقلية فإن ذلك يفقده العقل نهائيا.
وفي جميع الحالات فإن أكبر شبه بين هذا الصنف من بني الإنسان وبين البهائم يتجلى في تفضيل هذا النوع من البشر للإحتكام إلى شريعة البهائم على الإحتكام إلى الشريعة التي يرجع إليها بني الإنسان.
قانون القوة والحيلة هو المعمول به بين البهائم التي لم تتحمل بأمانة أمام الله كما تحمل بها الإنسان.
ولهذا لا تعترف البهائم بنظام لتقسيم الحقوق، كما أنها لا تعترف ولا تعرف ما ورد في الكتاب و يستحيل في حقها أن تضع ميزانا للقسط.
ما تعرفه البهائم فقط هو أن مستوى القوة والصولة هو الذي يحدد مجال الحلال والحرام .
إذا فالحيوانات لا تعترف للآخر بحق الحياة ولا الحرية ولا بحقوق الملكية ولا بنظم الزواج، كما أنها لا تعترف بطرق الكسب والعمل ولكن قد يتم توظيفها واستخدامها قهرا من دون مشورة .
وبهذا كان أعداء الإنسان من بني الإنسان هم أعداء العقل لديه، وهؤلاء الأعداء هم تجار المخدرات والسحرة، حيث قضت حكمة البارئ بوجود علاقة بين هذين وبين حيوان الضبع المفترس، هذا الحيوان الذي تمنع قوانين بعض الدول التخلص من أجزائه بعد موته إلا بحضور ضابط شرطة قضائية، والسبب أن جلد هذا الحيوان يصلح وعاء لإخفاء المخدرات مادامت الأشعة الكشفية عاجزة عن سبر أغواره ما بداخله ،كما أن أجزاء منه تستخدم في السحر الأسود، كما يستطيع هذا الحيوان وهو حي استدراج الإنسان والتأثير عليه حتى يتبعه رغم إرادته فيفترسه، ما يؤكد وجود وجه شبه بينه وبين إعداء العقل .
وفي ظل هذا الصراع المحتدم الذي يسعى فيه أهل الخير إلى تحقيق مافيه خير الإنسان و يسعى فيه أهل الشر إلى تحقيق مافيه ضرر لبني الإنسان ، انقسمت التعاملات بين البشرية إلى :
1-من يعين ويستعين
2-من لا يعين ولا يستعين
3-من يستعين ولا يعين
4-من يعين ولا يستعين
وأرى أن تشخيص هذه العلاقات الأربع هو الذي انطلق منه التنظير في مجال الإلتزامات والعرف والمجاملات،وبه كانت النقطة الثالثة تعني من بينهم وجه شبه مع الحيوان.
تلك النقطة تعبر عن أهل الإتكال ومنهم أشد منهم اتكالا و لؤما وضررا على الناس مثل اللصوص والمحاربين .
وبقباس الإنسان على الحيوان مرة أخرى تتضح الصورة أكثر.
فالحيوانات المسالمة إذا لم تجد غذاءها تطلبه من بني الإنسان لأنها لا تعرف الكسب أما الحيوانات المفترسة فإنها تلجأ إلى انتزاع غذائها بالقوة مادامت لا تعترف بحقوق الناس في الملكية والحياة، ما يعني وجود شبه بين تصرف المفترسات المذكورة وتصرفات فئة اللصوص وقطاع الطرق المحاربين الذين يعتدون على الناس .
تلك الذئاب البشرية يجوز في حقها التخفي خلف هيئة ليست هيئتها الحقيقية كما يفعل الزنديق .
وبهذا يكون من سار على نهج الأنبياء صار ممجدا محمدا ممدحا مثلهم، أما من سار على درب الشيطان فحظه اللعن والتحقير مثله.
وفي هذا الصدد ينبغي التنبيه إلى حقيقة مهمة وضرورية لعمل القلب والعقل والجسم وهي وجوب تعلم العلم.
لكن لا عمل من دون تعلم، ولا علم ولا تعلم من دون علماء مادام العلماء هم ورثة الأنبياء،وهذا يعني أيضا أن خيرة أهل الأرض هم العلماء وطلاب العلم ومن يعينهم في أمور حياتهم سواء بعمل يدوي أو حرفي أو باقتطاع عقاري.