قادة الانقلاب

أسباب الانقلاب في مالي  وانعكاساته داخليا وخارجيا :(خاص بموقع الضمير الإخباري)

قادة الانقلاب
أبرز فيادات المعارضة الإمام محمود ديكو
حشود المتظاهرين في مالي المطالبين برحيل الرئيس يحتشدون عند الجامع الكبير الدي يأمه الشيخ محمود ديكو

 

المقدمة :

 مالي  بلد إفريقي, يميتز بالتنوع ,العرقي والقبلي…….

 واقتصاد هش وضعيف جدا…….

 وانقسام واضح في خارطته السياسية  المقسمة إلى جزئين.

الأول في العاصمة باماكو  وهو الجزء الذي تتركز فيه الثروة.

 والاقتصاد ويشهد تنمية اقتصادية واضحة…..

 وتنفيذ مشاريع حكومية تنعكس أحيانا على الوجه الخارجي لهذا الجزء . حيث العمارات الشاهقة ,والفنادق , والشوارع ,والجسور…………

وفي الجانب الأخر  الذي تقع فيه مدينة , كيدال , وتمبكتو, وغاو,

 تتجسد المعانات ,والحرمان  والفقر بأبشع  صوره……

 وتكاد الدولة تنعدم هناك ………….

فالكلمة الفصل في هذا  الجزء بنسبة كبيرة تعود للحركات المسلحة المنتشرة فيه…..

لا يفوتنا هنا أيضا أن نشير إلى الوجود الفرنسي في مالي

 و الذي  له أهداف , منها ما هو  خفي, ومنها ما هو معلن .

وقد تعزز هذا  الوجود  وكبر بعد الهجمات المسلحة التي شنتها  بعض الحركات المسلحة في مالي  .

 والتي تكبد فيها الجيش المالي خسائر كبيرة ……….

 وكادت  تلك الحركات تفرض سيطرتها على كامل التراب المالي.

 لتتدخل  فرنسا على الفور وتصد ذلك الهجوم وتعيد رسم الحدود من جديد في الخارطة السياسية المالية.

 فبالنسبة لفرنسا هناك أماكن تعتبر خطوطا حمراء بالنسبة لها.

 لأنها  تمثل مركز المصالح الفرنسية في مالي وشبه القارة الإفريقية والسيطرة عليها تعني ,حرمان فرنسا من حديقتها الخلفية.

 في القارة الإفريقية والتي توفر لها مصالح كبيرة ومتنوعة……

هذا  التواجد الفرنسي عززه تحالف داخلي مع بعض القوى السياسية.  المالية وشرعته  وعلى رأسها الرئيس أبوبكر كيتا ومجموعته السياسية. وبعض  قادة المؤسسة العسكرية  في مالي…….

لكن السلوك الفرنسي المتغطرس  والطريقة الاستعمارية التي يعامل بها

الجيش الفرنسي الشعب المالي أنتجت  سخطا  ظل يكبر….  

وبد أت بوادر الأزمة السياسية بين النظام والمعارضة تطفو على السطح. وشهدت مدا وجزرا ومع اقتراب الموسم الانتخابي  قررت المعارضة دخول المعركة الانتخابية وهو ما ارعب النظام والرئيس…..

السبب الرئيسي للإنقلاب :

 أثناء الحملة الانتخابية  أبلغت المعارضة الحكومة أن زعيم المعارضة  سيقوم بزيارة  لمدينة غاو, وكيدال, وتمبكتو, وعلى الحكومة توفير حماية أمنية كافية له حتى يقوم بجولته الانتخابية .

وفعلا اتجه زعيم المعارضة  لتلك المنطقة وفور وصوله تم خطفه وإخفائه من طرف جماعات مسلحة مجهولة…

وهنا طالبت المعارضة  الحكومة بضرورة التحرك لتحرير زعيمها

 من الأسر لكن  الحكومة اعتبرت ذلك الحدث فرصة ذهبية

 

 

 ورفضت التدخل الأمني وتركت زعيم المعارضة يواجه مصيرا مجهولا.

 والمعارضة تعيش فراغا في القيادة………….

وأصرت الحكومة المالية على ضرورة مواصلة المشوار الانتخابي

 وعدم تأجيله.

ظنا منها أن هذه فرصة ذهبية للفوز على المعارضة واكتساح البرلمان.

لكن حدث العكس وفازت المعارضة بأغلبية ساحقة وسيطرت

على البرلمان.

وهنا رفض الرئيس تعيين رئيس وزراء من المعارضة المسيطرة

على أغلبية مقاعد البرلمان رغم الوساطة الإفريقية.

ونزل الشعب للشارع مطالبا برحيل الرئيس ليقوم الرئيس بتعيين

وزير أول تابع له تعامل بقسوة وعنف مع المعارضة.

 ورموزها وحاول جاهدا تصفية قياداتها………………………..

في هذه الأثناء كان إمام أكبر جامع في باماكو وهو المعروف برفضه للوجود الفرنسي قد قرر اعتزال الأزمة السياسية.

 رغم شعبيته الكبيرة في أوساط المعارضة………

  لتفاجئه السلطات الأمنية باقتحام منزله ومحاولة اغتياله.

وهنا أ خذت الأزمة منعطفا خطيرا جدا وبدأ الغضب ينتشر في المؤسسة العسكرية.

 التي اعتبر بعض قياداتها أن الأمور وصلت لمرحلة لا يمكن السكوت عليه……….

لتقررتلك القيادات التدخل ووضع حد لنظام أبوبكر كيتا .

وتم اعتقال الرئيس ووزيره الأول وقائد الجيش المالي…………….

واجبر على تقديم استقالته وحل البرلمان لتعم الفرحة في الشارع المالي.

وتتباين أراء الشركاء الدوليين والمهتمين بمالي حيث عبرت فرنسا

عن غضبها الشديد من هذه الخطوة وسارت مجموعة الساحل الخمسة

في نفس الطريق والكثير من دول العالم ………………………….

وكان من اللافت إعلان الانقلابين في مالي تمسكهم باتفاق الجزائر .

مايرى فيه بعض المراقبين للمشهد السياسي في مالي تهديدا واضحا للتواجد الفرنسي

في مالي ورفضه ضمنيا.

فهناك دول مثل الصين وروسيا وتركيا تنافس فرنسا بقوة في القارة الإفريقية.

 ويرى بعض المراقبين أن بعض هذه الدول الكبيرة خاصة الصين والروس تسعى

 لتقزيم الوجود الفرنسي في مالي والحد منه.

 بتعزيز الدور الجزائري في مالي وهو ما يترجم الزيارة السريعة والأولى من نوعها التي  قام بها وزير الخارجية الجزائري.

  ليكون أو مسؤول حكومي رفيع  المستوى يزور الإنقلابين

ويلتقي بهم في مالي .

 

ما يعني أن هناك تغيرا جذريا في السياسية المالية الخارجية خاصة

وهو أمر تعززه عوامل داخلية على رأسها الرفض الشعبي الكبير للتواجد الفرنسي

 في مالي.

 والذي يرى فيه استمرارا حقيقيا للحقبة الاستعمارية الفرنسية في القارة وتكريسا ضمنيا لها……..

إضافة لأسلوب مغاير تماما تنتهجه  الدول العظمى المنافسة لفرنسا

 في القارة مثل الصين وتركيا والروس……..

وهنا يمكننا القول أن فرنسا هي أكبر الخاسرين في هذا الإنقلاب .

وأن خسائرها ستتواصل وقد تؤدي لخروجها من  مالي

حين تدرك أنه لم تعد لها مصالح فيها وأنه لم يعد بإمكانها منافسة الصين والروس وتركيا في المنطقة .

وهي منافسة ستشتد يوما بعد يوم في  مالي…….

فصراع المصالح لا يقبل القسمة  والجزائر ذراع الصين والروس

في مالي ولن يقبلا تقاسم مالي مع فرنسا.

 

 

انعكاسات الانقلاب في مالي داخليا وخارجيا:

من المعروف في عالم السياسة أن أي انقلاب عسكري على نظام

ديمقراطي تكون له انعكاسات داخلية وخارجية على البلد الذي ينفذ فيه ذلك الإنقلاب.

وانقلاب مالي الأخير لم يأتي بمحض الصدفة ولا بشكل اعتباطي

 بل جاء نتيجة  أحداث متسا رعة أفضت في نهاية المطاف إليه

وطبعا سيكون له انعكاس داخلي  وخارجي في مالي .

 

انعكاسات الانقلاب في مالي داخليا:

 

 جاء الانقلاب في مالي بعد وصول الأزمة السياسية لطريق مسدود إضافة

لتردى الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد الذي حول الدولة إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف وتنعدم فيها سلطة الدولة بنسبة كبيرة……..

ومما لاشك فيه أن هذا  الإ نقلاب ستكون له انعكاسات ايجا بية على الداخل المالي .

فالعسكر يدركون جيدا أنه ليس بمقدورهم البقاء في السلطة لفترة طويلة .

وأن قدرهم المحتوم هو تنظيم  انتخابات وتسليم السلطة لحكومة مد نية.

تنتشل البلاد من الأوضاع الصعبة التي تعيش فيها.

وحسب المحللين السياسين  فإن المعارضة المالية ستحرص على تنظيم صفوفها. وتقديم قيادات أكفاء للعملية الانتخابية وحتما  سيكون لشيخ

 إمام الجامع الكبير

 في مالي كلمة حاسمة في اختيار المرشحين ……………………………….

إضافة لرأي قيادات المعارضة الأخرى التي ساهمت في الحراك الشعبي.

وأثناء عملية الاختيار هذه ستحاول قيادات المعارضة المشرفة على اختيار مرشحين للانتخابات الاستفادة من الأزمة الحالية.

 وأخذ العبر والدروس منها حتى لا تقع في الخطأ مرة ثانية .

طبعا سيبذل معسكر الرئيس كيتا وبقية أنصار فرنسا في مالي جهودا

كبيرة للرجوع للمشهد السياسي من جديد عبر بوابة الانتخابات.

 لكن ذلك سيكون صعبا وشبه مستحيل.

 فالشعب المالي  اتخذ موقف حاسما برفض الوجود الفرنسي وكل أنصاره ودعاته.

بعد نهاية الانتخابات سيكون الفوز من نصيب المعارضة وتدخل المعارضة القصر الرئاسي عبر مرشحها الذي اختارته بعناية فا ئقة ومن طرف حكمائها وقادتها…..

لتنظم الانتخابات البلدية والتشريعية والتي ستكتسح فيها المعارضة بنسبة كبيرة البرلمان والمجالس البلدية.

لتشهد مالي عودة قوية للمعارضة وهيمنة واضحة لها على السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وتبد أ مالي مرحلة جديدة تسير فيها البلاد من طرف نخبة ظلت في خندق المعارضة وترفض الهيمنة الفرنسية وسيكون لزاما عليها,

تجنب  المنهج الذي سارت عليه الحكومة السابقة  فالشعب المالي لن يقبل

 أن يلدغ مرة  ثانية.

وقد جرب الحرية والثورة ولن يتراجع ولن يقبل بالتلاعب به من جديد.

الأمر الذي  سيفرض على الحكومة الجديدة وضع خطط تنموية يكون المواطن المالي في كل  الجمهورية المالية محورها وأساسها بعيدا  عن الإقصاء والتهميش……………..

انعكاسات الانقلاب في  مالي خارجيا:

من المسلم به جدلا أن أي انقلاب عسكري في مالي سيكون له حتما إنعكاس خارجي .

وهذا الانقلاب بالذات سيكون له انعكاس خارجي على مالي .

وسيغير في خارطة التحالفات المالية بلاشك.

ولعل أبرز تلك الإنعكا سات ما يتعلق منها بجانب العلاقات الفرنسية المالية .

والتي حتما لن تظل كما كانت فالإنقلاب كان ضربة موجعة لفرنسا.

 وتهديدا واضحا لمصالحها وخططاها في  مالي و الساحل الإفريقي

 بشكل عام.

ففرنسا كانت تتخذ من مالي  موقعا استراتيجي  لتنفيذ إستراتيجيتها العسكرية والتي تحمي من خلالها مصالحها الاقتصادية في مالي ودول الساحل .

ولن يقف التأثير عند فرنسا  بل سيتعداها إلى مجموعة دول الساحل الخمسة وهي المجموعة التي أنشأتها موريتانيا بمباركة فرنسية.

 وحشد ت لها فرنسا الدعم وأعلنت مناصرتها وترأست اجتماعاتها

 ونظمت لها مؤتمر دولي لجمع الدعم لها وتعتبرها ساعدها القوي.

 الذي تضرب به في المنطقة وتنفذ من خلاله استرا تيجيتها الأمنية.

وفي الفترة الأخيرة تراجعت بعض الدول عن دعم هذه  المجموعة.

وهددت الولايات المتحدة الأمريكية  بالخروج من منطقة الساحل الإفريقي وتوقيف دعمها للوجود الفرنسي هناك.

 وهو ما أرعب الفرنسين وطالبوا الولايات المتحدة بعدم تنفيذ ذ لك التهديد لتتراجع الولايات المتحدة عنه.

وبعد هذا  الانقلاب ستتغير المعطيات وستعيش مجموعة دول الساحل الخمس أزمة حقيقية .

فرنسا التي  تعتبر حليفها الأول والداعم العسكري الأكبر لها بات وجودها غير مرغوب فيه .

من طرف دولة مهمة ومحورية في المجموعة  وهي جمهورية مالي.

  التي  تحكمها نخبة ترى في فرنسا مستعمرا غير مرحب به على أراضيها

ولا معنى لخطة أمنية في منطقة الساحل تستثني مالي نهائيا.

الأمر الذي  سيهدد مجموعة الساحل بالتفكك  ليتشكل على أنقاضها تحالف دولي جديد.

  تقوده الجزائر مدعومة بالصين والروس  وهو التحالف الذي ستسعى

 الدول المنشئة له إلى دعمه بسخاء ليصمد………

في وجه المساعي الفرنسية المنافسة له والتي ستكون ملزمة بإ قناع الولايات المتحدة الأمريكية بحمايتها وحماية مصالحها في مالي.

 حتى لا تخرج من مالي بخفي حنين كما حدث مع الولايات المتحدة الأمريكية في الصومال.

لكن الولايات المتحدة بقيادة اترامب با تت تنتهج سياسة جديدة عنوانها أمريكا أولا  وليذهب الحلفاء للجحيم حفاظا على مصالح أمريكا وأمنها وجنودها.

وهو ما جسدته في  عدة نقاط  فهي أي الولايات المتحدة الأمريكية تعرف

 القارة الإفريقية جيدا……

وخاضت فيها حروبا في الصومال وجربت التدخل العسكري فيها…..

فكانت النتيجة هزيمة قاسية لها ولجيشها وخروجا مذ لا لها من الصومال.

ما يعني  أنها لن تقدم لفرنسا دعما يفرض عليها الوقوف في وجه الجزائر المسنودة وبقوة من طرف الدب, الروسي والتنين, الصيني.

لتكون فرنسا أمام خيارين أحلاهما مر:

 القبول بلعب دور ثانوي بعيدا عن مالي ورسم المعالم من الطرف الروسي والصيني والجزائري.

 التحالف القوي الجديد في المنطقة وهو خيا ر سيفرض أيضا

على دول مجموعة الساحل بحكم الرضوخ للأمر الواقع.

 وبمباركة الولايات المتحدة التي  ترى أن هذا  التغير قد يكون في مصلحتها ويخفف عنها المتاعب في منطقة الساحل  فهي أي الولايات المتحدة ستكون حليفا للأقوى في منطقة الساحل والمنتصر فيها وهو طبعا الروس والصين والجزائر.

أو العودة لباريز وغض الطرف عن الأحلام الفرنسية في الساحل

الإفريقي وإدراك حقيقة مفادها  أن زمن الإمبراطورية الفرنسية

في إفريقيا والساحل قد انتهى تماما.

الخاتمة:

بعد انتصار الحلف المناوئ لفرنسا وسيطرته ووضعه لخططه الأمنية

 في الساحل الإفريقي تطرح الأسئلة التالية :

هل ستستفيد القوى الجديدة (الروس والصين والجزائر) من التجربة الفرنسية  في مالي التي كانت نهايتها  نهاية حقيقة للهيمنة الفرنسية في مالي؟

والتجربة الأمريكية في الصومال والتي انتهت بخروج مذل للجيش الأمريكي من الصومال ؟

ترى هل تمتلك القوة الجديدة إستراتيجية  واضحة تضمن

 لها كسب شعوب المنطقة  قبل حكامها وبسط الأمن فيها؟؟؟

الإجابة على هذه التساؤلات ستكون في السنوات القليلة القادمة

فالأحداث في المنطقة ( الساحل الإفريقي ) تشهد تحولات سريعة .

 

 المدير الناشر لموقع الضمير الإخباري

 الكاتب : محمد عبد الرحمن أحمد عالي .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *